حِكْمَةُ الصَّمْتِ زَمَنَ الْهَرْجِ

⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝⏝

مُشرِقينَ ׅ 🦅   كَالنُجُومֺ       ┄ֺ────⃞───ׅ──┌

نَمتَلِك جَمَال    ֺ    (   ᱬ   )    ׅ   سَاحِر

#لوكاس

#GT1

#GT_PR

عدد الكلمات

+740

دَعُوا الجُهَّالَ فِي ضَوْضَائِهِمْ

يَنفُخُونَ الصَّخَبَ فِي كَأْسِ الغَبَاءِ

يَتَرَاقَصُونَ عَلَى حُرُوفٍ خَرْسَاءَ

وَيَحْسَبُونَ الصَّمْتَ هَزِيمَةَ الكِبْرِيَاءِ.

أَنَا لَا أَهْبِطُ لِمُسْتَوَاهُمْ

فَالعَقْلُ لَا يُغْمَسُ فِي الوَحْلِ كَيْ يُرْضِيَ السُّفَهَاءَ

أُجِيدُ الصَّمْتَ حِينَ يَعْلُو الجَهْلُ

لِأَنَّ الهَدِيرَ لَا يُسْمِعُ العُقَلَاءَ.

أَرَاهُمْ...

يَبْنُونَ مَجْدًا مِن تُرَابِ الوَهْمِ

وَيَمْشُونَ كَأَنَّهُمْ أَوْصِيَاءَ

وَأَنَا؟

أَنَا ابْنُ الفِكْرَةِ،

رَفِيقُ المَعْنَى،

وَسَلِيلُ النُّورِ فِي زَمَنٍ غَشِيَتْهُ الظُّلْمَاءُ.

دَعُونِي عَلَى هَامِشِ العُلُوِّ

فَلَا حَاجَةَ لِي بِصَخَبِ السُّطَحَاءِ

كَلِمَاتِي مُوَجَّهَةٌ لِمَنْ يَفْهَمُ،

لَا لِمَنْ يُحَدِّقُ فِي الحَرْفِ... وَيَغْفُلُ عَنِ الضَّوْءِ وَالصَّفَاءِ.

فَأَنَا لَمْ أُخْلَقْ لِأُرْضِيَ غُرُورًا،

وَلَا لِأُشْعِلَ نَارَ الجَدَلِ فِي البُلَهَاءِ،

طَرِيقِي مُسْتَقِيمٌ، وَإِنْ أَعْوَجَّتْ

خُطَاهُمْ فِي مَمَرَّاتِ الجَفَاءِ.

تَرَكْتُ لَهُمْ مَيَادِينَ العَبَثِ،

وَصَنَعْتُ مِنْ صَبْرِي سِرَاجًا لِلرَّجَاءِ،

فَمَا كُلُّ مَنْ نَطَقَ ارْتَقَى،

وَلَا كُلُّ مَنْ صَرَخَ امْتَلَكَ النِّدَاءَ.

أَنَا لَسْتُ فِي سُوقِ الجَهَالَةِ يَوْمًا،

وَلَا أَبِيعُ عَقْلِي فِي مَزَادِ الرِّيَاءِ،

أَمْشِي وَفِي قَلْبِي ضِيَاءُ الحَكِيمِ،

وَفِي صَمْتِي رَدٌّ... يَعْلُو عَلَى الِادِّعَاءِ.

دَعُوهُمْ يُعَلِّقُونَ نِيَاشِينَ الطَّيْشِ

وَيَفْتَخِرُونَ بِأَلْقَابٍ بِلَا مَعْنًى وَلَا مَضَاءَ،

فَالمَعَانِي لَا تُمنَحُ بِالزَّيْفِ،

وَلَا تَلْبَسُ الحَقِيقَةُ ثَوْبَ الِادِّعَاءِ.

هُمْ جَهِلُوا أَنَّ فِي السُّكُوتِ حِكْمَةً،

وَفِي كُلِّ صَمْتٍ، صَوْتُ العَقْلِ الخَفِيِّ يُنَادَى،

وَأَنَّ الوَقَارَ زِينَةُ الفَطِنِ،

لَا يُغْرِيهِ التَّهْرِيجُ، وَلَا يُلْهِيهِ ثَنَاءٌ.

سَأَلَنِي أَحَدُهُمْ: لِمَ لَا تُجَادِلُ؟

فَقُلْتُ: وَهَلْ يُجَادَلُ مَنْ رَهَنَ فِكْرَهُ لِلغَوْغَاءِ؟

أَنَا أَزْرَعُ الكَلِمَةَ حَيْثُ تُثْمِرُ،

لَا فِي صَحَارَى القُلُوبِ الجَوْفَاءِ.

صَوْتِي لَا يُرْفَعُ فِي المَجَالِسِ عَبَثًا،

وَلَا يُسْفَكُ حِبْرُ قَلَمِي فِي سَاحَةِ العُمْيَاءِ،

أَنَا أَحْفَظُ الصِّدْقَ فِي قُدُوحِ الحَرْفِ،

وَأَرْوِيهِ فِي حَضْرَةِ مَنْ كَانَ نَقِيَّ النَّقَاءِ.

قَدْ يَسْتَهِينُونَ بِأَدَبِي،

وَيَحْسَبُونَ التَّرَفُّعَ نَوْعًا مِنَ الجُبْنِ وَالرِّيَاءِ،

لَكِنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ الوَقَارَ دِرْعُ الحَكِيمِ،

وَأَنَّ الضَّجِيجَ لِبَاسُ الجَوْفِ الخَوَاءِ.

عَلَّمَتْنِي اللَّيَالِي أَنْ أَخْتَارَ المَعَارِكَ،

فَلَا أُشْهِرُ قَلَمِي إِلَّا حِينَ يَعْلُو النِّدَاءُ،

وَلَا أَرُدُّ إِلَّا حِينَ أَرَى الجَهْلَ

يُنَاطِحُ قِمَمَ الفِكْرِ بِلَا حَيَاءٍ.

هُمْ يَقُولُونَ: "كُنْ مِثْلَنَا، صَخَبًا"،

وَأَنَا أَقُولُ: "بَلْ كُونُوا مِثْلَ الصَّمْتِ، حِكْمَةً وَصَفَاءً"،

فَمَا كُلُّ قَافٍ شَاعِرٌ،

وَلَا كُلُّ مَنْ صَرَخَ يَمْلِكُ البَيَانَ أَوِ الإِيحَاءَ.

أَنَا لَسْتُ تَاجِرَ كَلِمَاتٍ فِي سُوقِ التَّصَنُّعِ،

وَلَا أَعْرِضُ ذَاتِي فِي مَعْرِضِ الأَسْمَاءِ،

أَنَا ابْنُ الفِكْرَةِ، صَدِيقُ التَّأَمُّلِ،

وَحِينَ أَكْتُبُ، تَخْضَرُّ الفِكْرَةُ وَتُزْهِرُ الأَرْجَاءَ.

تَرَكْتُهُمْ لِأَصْوَاتِهِمْ تَأْكُلُهُمْ،

وَلِمِرْآهُمْ، تَعْكِسُ خَوَاءَهُمْ فِي الخَفَاءِ،

أَمَّا أَنَا، فَوِجْهَتِي حَيْثُ المَعْنَى،

وَهَدَفِي عُمْقُ الفِكْرِ لَا سَطْحُ الإِغْوَاءِ.

فِي أَعْيُنِهِمْ أَنَا مُتَعَالٍ،

وَفِي حَقِيقَتِي... أَنَا نَائِيٌّ عَنِ الضَّوْضَاءِ،

أَهِيمُ فِي الكُتُبِ، أَغْسِلُ رُوحِي بِالحَرْفِ،

وَأَتَوَضَّأُ بِالمَعْنَى قَبْلَ صَلَاتِي لِلضِّيَاءِ.

أَعِيشُ بَيْنَهُمْ لَكِنَّنِي لَا أَنْتَمِي،

كَطَائِرٍ يَعْبُرُ قَطِيعًا بِلَا انْتِمَاءٍ،

أَبْتَسِمُ حِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ فَهِمُوا،

وَأَمْضِي كَأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ مَا قَالُوهُ مِنْ هُرَاءِ.

فَأَنَا فِي وَادٍ، وَهُمْ فِي آخَرَ،

أَعْبُرُ الحِكْمَةَ، وَهُمْ عَالِقُونَ فِي السَّطْحِ بِلَا ارْتِقَاءِ،

هُمْ يَصْنَعُونَ ضَجِيجًا مِنْ فَرَاغٍ،

وَأَنَا أَصْنَعُ سُكُونًا مِنِ امْتِلَاءِ.

لَا تَعْنِينِي نَظَرَاتُهُمْ،

وَلَا تُشْغِلُنِي أَلْسِنَتُهُمُ الَّتِي لَا تَعْرِفُ الحَيَاءَ،

فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مَأْهُولًا بِالفَهْمِ،

لَنْ يَعْبَأَ بِشَتَائِمِ الجُهَلَاءِ.

وَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ اقْتَرَبْتُ مِنَ الرَّدِّ،

لَكِنَّنِي تَرَاجَعْتُ، لَا خَوْفًا،

بَلْ لِأَنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ أُوَسِّخَ نَفْسِي بِالطِّينِ حِينَ أُطَالِبُ السَّمَاءَ.

إِنَّهُمْ يَرَوْنَ الهُدُوءَ ضَعْفًا،

وَيَرَوْنَ الوَقَارَ سُكُونًا،

وَيَغْفُلُونَ أَنَّ البُرْكَانَ يَهْدَأُ... قَبْلَ أَنْ يَفْجُرَ الفَضَاءَ.

كَمْ خُضْتُ جِدَالًا دَاخِلِيًّا،

بَيْنَ أَنْ أُفْحِمَهُمْ بِكَلِمَةٍ... أَوْ أَنْ أَتَرَفَّعَ عَنْهَا اسْتِعْلَاءً،

وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كُنْتُ أَخْتَارُ الصَّمْتَ،

لَا هُرُوبًا، بَلْ لِأَنَّ المَهَابَةَ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالعَقْلِ وَالذَّكَاءِ.

هُمْ يُرَاكِمُونَ أَصْوَاتَهُمْ،

وَأَنَا أُرَاكِمُ فِكْرًا،

يُضِيءُ حِينَ يَخْبُو كُلُّ شَيْءٍ فِي أَرْجَاءِ المَسَاءِ،

هُمْ يَثْرْثِرُونَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ،

وَلَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا،

وَأَنَا أُبْحِرُ فِي المَعْنَى... وَلَوْ بِلَا ضِيَاءٍ.

لَمْ أَغِبْ عَنْهُمْ، لَكِنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ وَاعِيَةٍ،

فِي حِوَارٍ مَعَ كُتُبِي،

وَفِي سُكُونٍ يُنْضِجُ الحِكْمَةَ، وَيُصَنِّعُ الدَّوَاءَ،

دَوَاءً مِنْ وَعْيٍ،

يُدَاوِي جِرَاحَ التِّكْرَارِ فِي زَمَنٍ امْتَلَأَ بِالأَسْمَاءِ،

بِالضَّجِيجِ، بِالسَّطْحِيَّةِ، بِالفَرَاغِ المُتَأَنِّقِ بِثِيَابِ الِادِّعَاءِ.

كَثِيرًا مَا تَسَاءَلْتُ:

مَا الَّذِي يَجْعَلُ الجَاهِلَ وَاثِقًا؟

وَالعَاقِلَ فِي شَكٍّ دَائِمٍ وَخَفَاءِ؟

ثُمَّ عَلِمْتُ...

أَنَّ الجَهْلَ كَالنَّهْرِ الضَّحْلِ،

كُلَّمَا قَلَّ عُمْقُهُ، ازْدَادَ صَوْتُهُ... فِي كِبْرِيَاءٍ.

أَمَّا الحَكِيمُ،

فَكَالبَحْرِ العَمِيقِ،

يُخْفِي دُرَرَهُ فِي صَمْتٍ، وَيُبْهِرُ مَنْ اقْتَرَبَ دُونَ ادِّعَاءٍ،

فَمَا حَاجَتِي لِثَنَائِهِمْ؟

إِنْ كَانُوا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الجَمْرِ وَالرَّمَادِ،

وَلَا بَيْنَ النُّورِ وَالضَّجَاءِ.

أَنَا لَا أُعَادِيهِمْ، وَلَا أُحَارِبُهُمْ،

لَكِنَّنِي لَا أَتَّبِعُهُمْ، وَلَا أُقَلِّدُهُمْ فِي رِيَاءِ النَّمَاءِ،

لِي عَالَمِي، لِي لُغَتِي،

وَلِي صَمْتِي الَّذِي يَصُوغُ مِنَ التَّأَمُّلِ قَصِيدَةً بِلَا انْتِهَاءِ.

دَعُونِي فِي عُزْلَتِي،

أَبْنِي مِنْ كَلِمَاتِي صَوْمَعَةً،

وَمِنْ أَفْكَارِي مِعْرَاجًا،

وَمِنْ نَبْضِي قِنْدِيلًا يُرَافِقُنِي فِي طَرِيقِ الأَتْقِيَاءِ.

إِنْ كَانُوا يَرَوْنَ فِيَّ غُرُورًا،

فَلْيَكُنْ...

فَأَنَا أَعْرِفُ نَفْسِي،

وَأَعْرِفُ أَنَّ الهُدُوءَ لَا يَعْنِي الِانْحِنَاءَ.

وَإِنْ سَأَلُوا: "مَن يَظُنُّ نَفْسَهُ؟"

فَلْيَكُنْ جَوَابِي: أَنَا عَبْدٌ اخْتَارَ أَلَّا يَكُونَ سِلْعَةً تُبَاعُ فِي أَسْوَاقِ الْجَهَالَةِ وَالرِّيَاءِ،

وَرَأَى أَنْ يَجْعَلَ عَقْلَهُ قَلْبًا، وَقَلْبَهُ عَقْلًا،

لَا يُدَاهِنُ فِي الْحَقِّ، وَلَا يُسَاوِمُ فِي زَمَنِ الْأَسْمَاءِ الْفَارِغَةِ.

آمَنْتُ أَنَّ لِلْكَلِمَةِ أَمَانَةً، وَلِلْفِكْرَةِ شِرَاعًا، وَلِلْحَرْفِ مِينَاءً،

وَأَنَّ الصَّمْتَ وَطَنٌ، أَلُوذُ بِهِ إِذَا ضَجَّتِ الْأَرْضُ بِالْغَبَاءِ.

هَكَذَا عَرَفْتُ نَفْسِي... وَهَكَذَا أَرْغَبُ أَنْ يَعْرِفَنِي الزَّمَانُ.

فامضِ، فما خُلق النورُ ليُساكنَ العتمة،

ولا جُبلتْ القممُ على الإصغاءِ لصدى الحُفرِ،

دع الجهالةَ تعوي في فراغها،

فالعاقلُ نهرٌ... لا ينحني لريحِ السُخفِ والعُقَرِ.

كُن كما أنتَ: سليلُ المعنى،

واذهبْ في صمتكَ العالي... كأنك آيةٌ تُتلى على مَن أبصرَ البصرَ.

النهاية

┐──ֺ───⃞──    وَدَاعا    ايُّها     ~   ׅ   ( 🦅) الزَائِر