─ ╱╲ ─
˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲 ﹖
﹗﹫ 𝐁𝐞͟𝐚͟𝐮͟𝐭͟𝐢͟𝐟͟𝐮𝐥 ❳ ︵ ❳ ; 𝐁͟𝐥͟𝐨𝐠 ⏑ 𖥁
╱╲ ꜝ ╱╲ #my_hashtag ╱╲ ꜝ ╱╲
كان الصّيفُ في "ليما" يزحفُ على أطراف الخريفِ بثقلٍ مُرّ، وكأنّ القرية الصغيرة تخجلُ من أن تعترف أنها عالقة في زمنٍ لا يمضي. على أطراف هذه القرية المطمورة بين الأشجار الكثيفة والغيوم الرطبة، كانت البحيرة تتنفس ببطءٍ، تُخرج زفراتها عبر الضباب وتبتلع الوقت بصبرٍ غريب.
في هذا الإطار المتجمّد، حيث لا القطارات تصل ولا الشوارع تُعبَّد، نشأت ليان، الفتاة الصمّاء ذات الشعر الكرزيّ الطويل. لم تُولد في ليما، بل جاءت إليها طفلةً لا تتجاوز السادسة، في حضن أمٍّ منهكةٍ تحمل عيونًا مذعورة كمن يهرب من شيءٍ لا يُقال. لم تتكلّم الأم عن ماضيها، ولم تبقَ طويلًا، ماتت بعد عامين بمرضٍ غامض لم يستطع أطباء المدينة تفسيره. ومنذ تلك الليلة، عاشت ليان بقية عمرها مع جدّتها "ثريا" التي كانت تقرأ في النجوم أكثر مما تقرأ في الصحف. كان بيتها يقع على ضفاف البحيرة، التي أصبحتْ فيما بعد الملاذ الأخير، الحاضنة الوحيدة لما تبقّى من طمأنينةٍ في قلب الطفلة.
ليان لم تسمع صوت أمّها، لم تسمع صوت وفاتها، لم تسمع حتى كلمات الوداع. عاشت في عالمٍ بلا موسيقى، بلا عتاب، بلا ضجيج. لكنّ عينيها كانت تستمعان للكون بطريقةٍ لا يُمكن ترجمتها. كانت تراقب حركة الماء كأنّها تحاور روحًا تسكنه، وتكتب في دفترٍ أسود صغير، أفكارها التي لا صوت لها.
كانت ليان نحيلة القوام، كأنّها خُلقت لتختفي في الريح. بيضاء البشرة بلون الحليب المغليّ، وجهها بيضويّ فيه ملامح الهدوء الوجودي، أنفها صغير، وشفاهها دقيقة كأنّها تعوّدت على كتمان الأسرار. كانت ترتدي فستاناً أبيضاً بسيطاً، وتشدّ على معصمها سوارًا قديماً من الخرز الأزرق، هدية والدتها.
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2Fdffee3583271649e8f423509f00804de7e12cbfdr1-1312-496v2_hq.jpg)
ذات مساءٍ، بينما كانت تجلس على حافة الخشب العتيق، تغمس قدميها في الماء وتراقب تموّجاته، لمحَها نورس، فتى القرية الوحيد الذي يهتمُّ بتدوين كل شيء في دفترٍ جلديّ قديم، يحملُه معه أينما ذهب. كان نورس يعيش حياةً أقل صخبًا مما يبدو. فتى في السابعة عشرة من عمره، يعيش مع والده، صيّاد القرية العجوز، بعد أن اختفت أمّه في ظروف غامضة عندما كان طفلًا. قالوا له إنها غرقت في البحيرة، لكنّ جسدها لم يُعثَر عليه. ومنذ ذلك الحين، أصبح نورس يراقب الماء أكثر مما يصطاد منه. لم يكن كباقي أقرانه، لم يكن يحبّ اللعب ولا الصيد ولا حتى المزاح. بل كان يحمل دفترًا جلديًا، يكتب فيه كلّ ما يراه، كلّ ما يشعره، كلّ ما لا يفهمه. دفتره كان طريقتَه الوحيدة للنجاة.
كان هادئًا، عميقًا، عيونه بلون الرماد، فيها نيرانٌ انطفأت باكرًا. كثيرًا ما جلس قرب الصخور، يراقب البحيرة وهي تأخذ الناس ولا تُرجعهم. وفي الليالي، كان يسمع صوتًا لا يُفترض أن يُسمع… صوت ماءٍ يهمس له باسمه.
عندما عادت ليان إلى القرية و امضت سنواتها فيها، رأى بداخلها شيئًا مألوفًا. لم يعرف ما هو، لكنّ عينيها حملتا ذات الحزن الذي يسكنه. بدأ يُراقبها. لم تُشبه أحدًا. لم تمشِ كأهل القرية. كانت تُشبه البحيرة أكثر مما تُشبه البشر.
أدرك أنّ الفتاة لا تتفاعل مع صوته، بل مع انعكاس ظلّه، مع حركة يديه، مع نظراته. فبدأ بالتواصل معها بلغةٍ أخرى… الرسم.
في اليوم التالي، رسم لها سمكةً تسبح، فابتسمت. رسمَ لها قمرًا يتدلّى فوق البحيرة، فأنزلت رأسها خجلًا. وشيئًا فشيئًا، بدأت العلاقة بينهما تكبر، كجدائل طحلب تتشابكُ تحت سطح الماء.
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2F088cf3fac6c2ba9c6e5f02b8833bd059645ae672r1-736-278v2_hq.jpg)
حين بدأ بالتواصل معها عبر الرسم، لم يكن يتوقّع أنها ستفهمه بهذا العمق. كانت ترد عليه بصور ترسمها على الرمال، بجُمل تكتبها بلغة الجسد، بنظراتٍ تقول أكثر مما يقوله الكلام. أصبحا يلتقيان كل يومٍ عند حافة الماء، ويشتركان في صمتٍ عجيب كأنّه لغة خاصة.
ثم جاءت الليلة التي غاصت فيها ليان وسط البحيرة. لم تكن هذه أول مرة تتوغّل فيها في عمق الماء، لكنها كانت المرة الوحيدة التي غابت فيها كاملًا. نورس هرع للبحث عنها، وجد سوارها الأزرق عائمًا، دفترها الأسود مبللًا على العشب، وصفحة أخيرة كُتب فيها:
"أنا لست من هنا... لكن قلبي عاد هنا."
مضت ثلاثة أيام لم يظهر فيها أثرها. ثم ظهر الشيخ عبدو، حارس المقبرة القديمة، يحمل كتابًا مغبرًا من مكتبة القرية المهجورة. قال لنورس:
– "وجدت هذا بين كتب الطقوس القديمة . يتحدث عن نسل الماء... بشرٌ وُلِدوا من بشرٍ وأرواحٍ تسكن البحيرات. نصفهم لنا... ونصفهم لهم."
قلب نورس الكتاب، وقرأ عن "العرق الأزرق"، وهو عرقٌ نادر يُولد من اتحاد امرأة بشرية وكائن مائيّ يُدعى بـ"الرائي"، قادر على مخاطبة البحر والتنبؤ بالموت. هؤلاء الأولاد لا يسمعون… لأنّ أرواحهم مشغولة بالاستماع لما تحت سطح الماء. ويُقال إنّ من بلغ منهم سنّ النضوج، تُنادى روحه للعودة إلى أصله، إلى الأعماق، حيث ينتظرهم "النداء الأخير".
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2F360e7fbc0b315a57b1bdf981d87f576dcfe50602r1-1312-496v2_hq.jpg)
لكن نورس لم يرضخ. قرأ أكثر. كتب في دفتره، رسم بحارًا ونقوشًا، وعاد كل ليلة إلى البحيرة.
وفي إحدى الليالي… نهض الماء أمامه. لا أمواج، بل صعودٌ عموديّ كأنّ جدارًا من ماءٍ ينهض من قاعه. ومن قلب الماء، ظهرت ليان، عيناها تشعّ بلونٍ فضّيّ، وشعرها مبتلّ يلتفّ حول عنقها. لم تتقدّم نحوه، ولم تبتعد. فقط رفعت يدها، وأشارت إلى دفتره.
كتب فيه:
"أين كنتِ؟"
أشارت إلى قلبها، ثمّ إلى البحيرة.
"هل تعودين؟"
هزّت رأسها.
"هل تذكرينني؟"
ابتسمت، وقطرة ماء سالت على خدّها، كدمعة لا صوت لها.
ثمّ نزلت، بهدوء، بلا خوف، بلا كلمات، كأنّها تعود إلى بيتها الأصلي.
مرّت أعوام. أصبح نورس كاتبًا معروفًا، تنقّل بين المدن، كتب عن الأساطير، عن الماء، عن الصمت، وعن ليان. في كلّ كتاب، رسم لها صفحةً خاصة. وفي كلّ مقابلة، قال:
"أحببتُ فتاةً لم تتكلّم يومًا… لكنها قالت لي كلّ شيء."
وفي آخر يومٍ في حياته، عاد إلى البحيرة. جلس على حافة الخشب القديم. الماءُ ما زال يهمس باسمه.
ثم رأى انعكاس وجهه… وبجانبه، ظهر ظلّها.
رفعت يدها إليه.
و في انعكاس الماء… ابتسم.
─ ╱╲ ─
˖ ﹟ 𝐆͟𝐨͟𝐨͟𝐝 𝐁𝐲𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲 ﹖
﹗﹫ 𝐁𝐞͟𝐚͟𝐮͟𝐭͟𝐢͟𝐟͟𝐮𝐥 ❳ ︵ ❳ ; 𝐁͟𝐥͟𝐨𝐠 ⏑ 𖥁
╱╲ ꜝ ╱╲ #Wr_Suzaku ╱╲ ꜝ ╱╲
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2F5384fc7e422269582866293b526a6d109718dc01r1-736-736v2_hq.jpg)
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2Ffc7572cf126363d3dba76f52ff7c566a41ab2560r1-736-736v2_hq.jpg)
![نَقْرُ الماءِ الصّامِت.-[C]
[C]
[C]
[C]
[C]─ ╱╲ ─
[UC]˖ ﹟ 𝐖͟𝐞͟𝐥͟𝐜͟𝐨͟𝐦𝐞 ˓ ﹙ ꫳ ﹚ ˓ 𝐓͟𝐨͟ ˒ ˒ 𝐌𝐲](https://image.staticox.com/?url=http%3A%2F%2Fpm1.aminoapps.descargarjuegos.org%2F9359%2F07f2b09d454892ac52e0cf4ec00c8130acf85856r1-736-736v2_hq.jpg)
Comments (4)
شفلك الجمال
جمال ذوقكِ
تابع للعدد 56
http://aminoapps.descargarjuegos.org/p/6d5dm3c
أهنئك بالقبول...♡
العنوان
نَقْرُ الماءِ الصّامِت. ارتبط العنوان مع القصة عنى اصل الفتاة وعلاقتها بالماء، صمتها كذلك، انتقى كلماته بشكل بسيط لم يكلف نفسه عناء اختيار العناوين، جاء يجذب عددا لا بأس به من القراء، كما أنه سليم لغويا
الفكرة
تحكي فكرة القصة عن الفتاة التي عاشت حياة صامتة لا تسمع ولا تتحدث ماتت والدتها في ظروف غير معروفة، عاشت تحت كنف جدتها وبينما هي هناك تعرفت على شاب اسمه نورس في البحيرة، وقد ارتاح لها وهي كذلك، بينما في أحد الأيام اختفت ثم اتضح أنها قصة خيالة ... الفكرة جيدة طريقة طرحها مميزة راقت لي، سلم الكاتب على هذا، لم تحتوي على عبرة .
البناء الفني
الأحداث
لقد مهد الكاتب في احداثه لكل شي وهذا ما جعل القصة سلسة ومفهومة ومريحة للقارئ، لقد تأنى الكاتب في سرد حدثه لم أجد به شيئًا من التسارع، كما أنها كانت منطقية وعبارة عن أفكار داخلية حكمت على منظور العقدة، أجدها واقعية خدمت القصة جيدا.
الحبكة القصصية: لقد كانت القصة عبارة عن مشهد حدث واحد، حيث أننا رأينا العقدة وتمثلت في اختفاء البطلة، ثم وضع الكاتب السبب.
الوصف: الوصف غني عن التعريف، أسلوب الكاتب مليئ بتفاصيل وهي أكثر الأشياء النادرة التي لا يكتب مثلها إلا القليل، لم يهمل الكاتب أي من الوصف شيئًا، اهتم بوصف الأماكن والتحركات والإيماءات.
الحوار : جاء بسيطًا ململما للحديث، لم يتواجد كثيرًا، إضافةً إلى أنه قد فصل عن النص.
المشاعر: لقد كانت القصة مليئة بالمشاعر، فمشاعر الحزن.. تعمق الكاتب في المشاعر بشكل مميز مما جعله مؤثر في قارئ القصة.
السلامة اللغوية
أحسن الكاتب في ادراج علامات الترقيم في نصه ..
الخاتمة
وددت لو اني وجدت عبرة غي الختام ولكن مع الأسف لم تكن، لم تكن مناقضة لما جاء في القصة بل مكملة وخادمة لها، لم يتسارع الكاتب بها، بالنسبة للتوقع فهي لم تكن متوقعة ، مع الأسف لم تحتوي على عبرة.